مؤسسة آفاق للدراسات والتدريب

قراءة وترجمة في التقرير”توقعات المخاطر لعام 2023 “

سيناريوهات المخاطر العشر التي بإمكانها أن تعيد تشكيل

الاقتصاد العالمي

إعداد – بوزيد اعمر -2023.01.18-

نشر موقع “وحدة الاستخبارات الاقتصادية – إيكونوميست إنتلجنس يُونت/ Economist Intelligence Unit” التابع لـلمجمع الصحافي البريطاني “مجموعة إيكونوميست/ Economist group”، والذي يُصدر “مجلة الإيكونوميست/ The Economist”[1] الأسبوعية ذائعة الصيت؛ نشر في (نوفمبر/ 2022)، تقريره الدوري بعنوان “توقعات المخاطر لعام 2023/Risk outlook 2023 “[2]. وهو تقرير يُرصَدُ فيه عموما تأثيرات التحولات والتغيرات الجيو-سياسية والجيو- اقتصادية العالمية، الطارئة منها والممتدة على الاقتصاد العالمي.

وقد قام موقع “أنتريجيونال للتحليلات الاستراتجية /InterRegional for Strategic Analysis بتقديم قراءة مترجمة حوله[3]، ونحاول بدورنا إعادة نشره كما هو تعميما للفائدة، مع بعض الإضافات[4] والتعليقات من عندنا التي لم تأتي في الملخص المترجم المشار إليه.

وقبل الدخول في مضامين التقرير، وتبيانا للسياق الذي ورد فيه، وللجهة التي قامت بإصداره ونشره، يحسن التعريف بهذه الأخيرة حتى تكتمل الصورة عنها وعن التقرير، ويتم استيعاب منتوجها محل العرض.

التعريف بـ”وحدة  الاستخبارات الاقتصادية – إيكونوميست إنتلجنس يُونت/ Economist – EIU- Intelligence Unit”  

تُقدم “وحدة  الاستخبارات الاقتصادية – إيكونوميست إنتلجنس يُونت/ Economist – EIU Intelligence Unit” نفسها في التمهيد الذي وضعته في تقريرها المشار إليه، على أنها “الرائد العالمي في مجال استخبارات الأعمال على المستوى الدولي” (The world leader in global business intelligence)[5]؛ وعلى أنها “تقدم رؤية وتحليلاً عميقين للتطورات الاقتصادية والسياسية في بيئة عالمية تزداد تعقيدا”، كما تُحدد وتُعرّف في السياق نفسه بالفرص والاتجاهات والمخاطر على المستوى العالمي والمحلي.

ثم تشير إلى أنها تأسست في عام 1946 (ما يعني أنها تملك خبرة أكثر من 70 عامًا في مجال عملها)، الأمر الذي جعل منها في “وضع مثالي لتكون مُعلقًا ومترجمًا ودقيقة في توقعاتها بخصوص ظاهرة العولمة”، و قادرة على التماهي ومُسايرة وتيرتها المتصاعدة، بشكل يسمح لمؤسسات الأعمال، والشركات المالية، والمؤسسات التعليمية والحكومات على التخطيط الفعال للمستقبل.

رؤية قابلة للتنفيذ لتحقيق النجاح في أسواق العالم

تحت هذا العنوان تشير”الوحدة” إلى أن المؤسسات الرائدة عالميا تعتمد على خدمات الاشتراك الخاصة بها (أي بهذه الوحدة) للحصول على البيانات والتحليلات والتنبؤات التي تبقيهم على اطلاع دائم حول القضايا الناشئة حول العالم. لتُعدّد بعد ذلك مجالات عملها وتخصّصها على النحو الآتي:

• تحليل الأقطار أو البلدان/Country analysis –  بمعنى محاولة الوصول إلى تنبؤات اقتصادية وسياسية مفصلة خاصة بكل بلد، بالإضافة إلى تقديم تقييمات حول بيئات الأعمال التي تخص مختلف الأسواق، مع  تقديم “وجهة نظر الوحدة/ EIU Viewpoint.”عبر إصدارها الذي يحمل نفس الاسم.

• تحليل المخاطر/ Risk analysis – التي تُعنى من خلال “خدمات المخاطر” التي تقدمها الوحدة بتحديد التهديدات الفعلية والمحتملة حول العالم، وتساعد عملائها على فهم الآثار المترتبة على هيئاتهم وتنظيماتهم. وتشير في السياق أن لديها منشورين/أو: إصدارين متاحان حول هذا النشاط، هما: “المخاطر المالية/ Financial Risk” و”المخاطر العملية/ Operational Risk”.

• تحليل الصناعة/ Industry analysis – يتمحور حول تقديم تنبؤات على مدى خمس سنوات، وكذا تحليل لموضوعات رئيسة وتحليلات على مدار الساعة لـ 6 مجالات صناعية رئيسة في 60 تخصصًا اقتصاديا رائدا. وتستند كل هذه التوقعات حسب قولها، إلى أحدث البيانات والتحليلات المعمقة لاتجاهات الصناعة، والمتاحة عبر إصدارها المشار إليه سابقا: EIU Viewpoint.

• مكتب المتحدث/Speaker Bureau –  كتاب الخبراء (book the experts)، أي خبراؤها الذين يقفون وراء التوقعات الاقتصادية والسياسية التي تصدرها،  والحائزون جراء عملهم هذا على الجوائز والتقديرات. فريق الوحدة هذا متاح وجاهز لـتقديم العروض والإشراف على حلقات النقاش (panel moderation)، وأيضا تقديم الإحاطات –التي تغطي مجال اختصاصه- لغرفة اجتماعات مجلس الإدارة.

ثم بعدها أشار التقرير في التمهيد الذي وضعه، إلى أن “وحدة الاستخبارات الاقتصادية” تنتج تقييمًا كميًّا ونوعيًّا للمخاطر الاقتصادية والسياسية والتنظيمية التي تساعد المتعاملين معها (الزبائن) على تقييم التحولات المحتملة في بيئة عمل دولة ما. كما أشار إلى أنه في عام 2022 حَوَّلت التداعيات العالمية للغزو الروسي لأوكرانيا الاهتمام الدولي الناتج عن المخاوف من تأثيرات فيروس كورونا وما تعلق بها من القلق بشأن القضايا الصحية؛ حولته بعيدا نحو الاهتمام بدل ذلك، بالمخاطر السياسية والأمنية المتنامية، وكذا بمخاطر الاقتصاد الكلي المتزايدة الناتجة عن الحرب. وأشار إلى أنه يتوقع تداعيات متتالية وممتدة لهذه الحرب، كتشديد في السياسة النقدية العالمية، وتباطؤٍ في الاقتصاد الصيني، والذي بدوره سيترك آثارا سلبية على الاقتصاد العالمي عام 2023، مع ما سيعرفه هذا الأخير هو أيضا من تباطؤ وتراجع في نسبة النمو لا تتعدى 1.6٪ فقط.  لينهي التمهيد بالقول: “يستكشف هذا التقرير بعض المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى نمو أبطأ، أو ممكن أيضا إلى ركود عالمي”.

سيناريوهات الاقتصاد العالمي العشرة لعام 2023

أكد التقرير أن هناك عشرة 10 مخاطر محتملة[6] قد يؤدي حدوثها في العام المقبل (أي في عام 2023)، إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، أو حتى حدوث ركود اقتصادي في العالم، مشيراً إلى أن هذه المخاطر التي عرضها هو في شكل سيناريوهات (ذات طابع رباعي: سياسي، عسكري، اقتصادي وبيئي)، هي مرتبطة بالصراعات الدولية الراهنة، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، والتوترات بين واشنطن وبكين حول تايوان، والأوبئة، وسياسات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة، والاضطرابات الاجتماعية، والحروب الإلكترونية، وسياسة صفر كوفيد الصينية. وفيما يأتي استعراض لهذه السيناريوهات، والتي يمكن وصفها بـ “سيناريوهات المخاطر 10”.

  1. سناريو تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا في الشتاء بقطع روسيا للإمدادات

(سيناريو عال الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية/ High probability; Very high impact)

أوضح التقرير أن من المحتمل حدوث تفاقم بأزمة الطاقة في أوروبا بنسبة كبيرة، مضيفاً أن تأثير ذلك سيكون كبيراً جداً خاصةً أن روسيا عمدت إلى قطع إمداداتها من الطاقة، سواء كلياً أو جزئياً، وأوقفت تدفق الغاز إلى 12 دولة في الاتحاد الأوروبي. ووفقاً للتقرير، إذا أدى الشتاء القارص المقبل إلى طلب فوق المتوسط ​​على الغاز، فإنه يمكن لأوروبا أن تستنفد احتياطاتها من الغاز الطبيعي في وقت مبكر، وبالطبع ستفشل في تجديدها، وهو ما سيؤدي إلى ركود قد يمتد إلى عام 2024.

وبحسب التقرير، فإن الركود المتوقع سيكون معتدلاً، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 0.4% في العام 2023. وطبقاً للتقرير، ستضطر أجزاء كبيرة من القطاع الصناعي إلى ترشيد استخدام الطاقة وتقليل القوى العاملة، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى توقف سلاسل التوريد. ونوه التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة قد يؤدي كذلك إلى زيادة حالات الإفلاس، حيث ستصبح الشركات غير مربحة. ولفت إلى أنه يمكن للحكومات في أسوأ الأحوال تقنين استخدام الطاقة بقوة، وهو ما سيؤدي إلى موجات من انقطاع التيار الكهربائي.

وأكد التقرير أنه يمكن للحكومات أيضاً وقف حماية الأسعار للأُسر، وزيادة تكاليف التدفئة بشكل أكبر، الأمر الذي سيؤدي هو الآخر إلى تفاقم الفقر وتآكل القوة الشرائية للمستهلكين. وشدد التقرير على أن انهيار تضامن الاتحاد الأوروبي يُعد خطراً إضافياً وارد الحدوث وفقاً لذلك السيناريو؛ حيث من المحتمل أن توقف الدول الأعضاء تدفقات الغاز إلى جيرانها، أو تقللها لمنع النقص المحلي. وأوضح التقرير أنه بالنظر إلى مستوى الاعتماد الكبير على الغاز الروسي، فإن أوروبا الوسطى وألمانيا والنمسا ستكون الأكثر تعرضاً لركود عميق في مثل هذا السيناريو.

(يمكن القول هنا إلى أن ما لم يُشر إليه التقرير هو احتمال نقص الطلب على الغاز في حال استمرار ارتفاع معدلات الحرارة فوق مستوياتها الفصلية[7]، وهو ما وقع بالفعل طوال أشهر نوفمبر وديسمبر 2022 ومطلع شهر جانفي 2023، هذا إذا ما استثنينا طبعا العاصفة الثلجية التي اجتاحت ولا تزال الولايات المتحدة -والتي لم يتوقعها التقرير أيضا- منذ ما قبل نهاية شهر ديسمبر/2022؛ وأدى إلى تراجع محسوس في أسعار الغاز ثم إلى تذبذبها وعدم استقرارها. طبعا لا يعود ذلك إلى عامل الحرارة وحده فقط، بل أيضا إلى احتمالات أخرى قوية كعامل التضخم والركود الذي يهدد الاقتصاد العالمي، والذي يقف وراء غلبة التردد والتشاؤم معا على التحاليل والتوقعات الصادرة عن الخبراء والهيئات المتخصصة في هذا الشأن بخصوص لا فقط الغاز بل والنفط أيضا [8]).

  • سيناريو تزايد ارتفاع أسعار السلع وانعدام الأمن الغذائي في العالم

    (سيناريو عال الاحتمال والتأثيرات/ High probability; High impact)

يرى التقرير أن احتمالية زيادة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانعدام الأمن الغذائي العالمي قائمة بنسبة كبيرة، لافتاً إلى أن تأثير ذلك سيكون كبيراً أيضاً. ووفقاً للتقرير، تشير نماذج تغيّر المناخ إلى زيادة وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، مضيفاً أن موجات الجفاف الشديدة والحر في أوروبا والصين والهند والولايات المتحدة في عام 2022 ساهمت في ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية.

يُضاف إلى ذلك، بحسب التقرير، أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا – وهما من أكبر مصدري المنتجات الزراعية في العالم – أدّت إلى ارتفاعات حادة في الأسعار، وإلى مخاطر تسببت في حدوث نقص عالمي في الحبوب والأسمدة. وعليه، قد يواجه العالم – طبقاً للتقرير – فترة طويلة من نقص المحاصيل وارتفاع الأسعار، وهو ما سيزيد من مخاطر انعدام الأمن الغذائي أو حتى حدوث مجاعات.

3– سيناريو تدخل الولايات المتحدة في الحرب المحتملة بين الصين وتايوان

(سيناريو متوسط الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية/Moderate probability; Very high impact)

أكد التقرير أن احتمالية اندلاع صراع مباشر بين الصين وتايوان وإجبار الولايات المتحدة على التدخل هي متوسطة، مشيراً إلى أن تأثير هذا الأمر إذا حدث سيكون كبيراً جداً. ورأى التقرير أنه على الرغم من أنه من غير المحتمل حدوث صراع مباشر بين الصين وتايوان، فإن التوترات بين الجانبين تصاعدت عندما قامت بكين بعمليات عسكرية بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة “نانسي بيلوسي” لتايوان في أغسطس/أوت 2022. ونوه التقرير إلى أن الإجراءات المضادة التي اتخذتها الصين تضمنت مناورات عسكرية بالذخيرة الحية داخل وحول المياه الإقليمية لتايوان.

ووفقاً للتقرير، على الرغم من تكرار الحكومة الأمريكية تأكيدها أن نهجها الدبلوماسي تجاه تايوان لم يتغير، فإن الصين تتخوف بشكل متزايد من طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، سيما في ظل العداء الحاد تجاه الصين في الكونجرس الأمريكي. وبحسب التقرير، يقلص اعتماد الصين على أشباه الموصلات التايوانية، إلى جانب المخاوف من حدوث رد فعل أمريكي قوي على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، من مخاطر الغزو العسكري الكامل.

ومع ذلك، فإن التدريبات العسكرية الأخيرة التي قامت بها الصين والرد التايواني عليها، يزيدان – طبقاً للتقرير – من خطر سوء التقدير، الذي قد يتحول إلى صراع أوسع. وأكد التقرير أن هذا الصراع المحتمل من شأنه أن يقضي على اقتصاد تايوان، بما في ذلك صناعة أشباه الموصلات، التي تعتمد عليها سلاسل التوريد العالمية. وشدد التقرير كذلك على أن هذا الأمر قد يُنذر بامتداد المخاطر إلى الولايات المتحدة وأستراليا واليابان، وهو ما سيؤدي إلى اندلاع صراع عالمي كارثي.

  • سيناريو تصاعد الاضطرابات الاجتماعية في العالم نتيجة التضخم

(سيناريو جد عال الاحتمال مع تأثيرات متوسطة الاحتمال/ Very high probability; Moderate impact)

شدد التقرير على أن احتمالية تفاقم التضخم العالمي وتصاعد الاضطرابات الاجتماعية كبيرة جداً، ولكن –حسبه- بمعدل تأثير متوسط. وأوضح التقرير أن الضغوط التضخمية المستمرة، الناجمة عن اضطرابات سلسلة التوريد والتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، تؤدي إلى ارتفاع التضخم العالمي، الذي بلغ أعلى مستوياته منذ التسعينيات. ووفقاً للتقرير، فإنه إذا ارتفع التضخم إلى مستويات أعلى بكثير من زيادات الأجور، بشكل يجعل من الصعب على الأسر الفقيرة شراء السلع الأساسية، فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية. ونوه التقرير إلى الاحتجاجات التي وقعت في كل من في الهند والإكوادور والأرجنتين لأجل هذا السبب[9]. وحسبه دائما، قد تدفع الاحتجاجات العمال في الاقتصادات الكبرى، إلى التنسيق فيما بينها لشن إضرابات واسعة النطاق للمطالبة برواتب أعلى تتناسب مع التضخم. ولفت التقرير إلى أن مثل هذه الحركات، على غرار تلك التي أثرت على الخدمات الحيوية في المملكة المتحدة، مثل الموانئ والخدمات البريدية والسكك الحديدية، يمكن أن تشل الصناعات بأكملها وتمتد إلى قطاعات أو بلدان أخرى، وهو ما سيعوق النمو الاقتصادي العالمي، وفق ما ذكر التقرير.

5- سيناريو اضطرار الدول لفرض إغلاقات حال تفشي الأوبئة مجدداً

(سيناريو متوسط الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية/ Moderate probability; Very high impact)

أوضح التقرير أن احتمالية حدوث ركود في الاقتصاد العالمي نتيجة لظهور متحور جديد لفيروس كورونا هي متوسطة، ولكن تأثير هذا الأمر سيكون كبيراً جداً، وفق ما ذكر التقرير. وأوضح التقرير أنه في خضم عدم المساواة في الحصول على اللقاح العالمي، وتداعيات الوباء، وتراخي السياسات الحكومية، فإنه من المتوقع ظهور متغير جديد من فيروس كورونا في أواخر عام 2022 أو أوائل عام 2023. وبحسب التقرير، لا ترتبط المخاطر فقط بفيروس كورونا، ولكن يحذر الخبراء من أن الأمراض المعدية الأخرى، قد تظهر قريباً مثل فيروس جدري القرود. وطبقاً للتقرير، إذا ظهر فيروس خطير آخر بخلاف فيروس كورونا، فقد تفرض الدول المتقدمة تدابير الإغلاق، وقد يعود حظر السفر، وسيتقلص انتعاش السياحة، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض الأسواق المالية والخدمات ومبيعات التجزئة. وأكد التقرير أنه سيتم كذلك إعادة ضبط حملة التطعيم، إذا كان على منتجي اللقاح أن يبدؤوا من الصفر، وسيعود الاقتصاد العالمي إلى الركود، بحسب ما ذكر التقرير.

6- سيناريو شلل البنية التحتية للاقتصادات نتيجة الحرب الإلكترونية:

 (سيناريو متوسط الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية/Moderate probability; Very high impact)

 رأى التقرير أن احتمالية حدوث شلل في البُنية التحتية للاقتصادات الكبرى نتيجة الحرب الإلكترونية بين الدول هي متوسطة، ولكن تأثير ذلك سيكون كبيراً جداً، وفق ما ذكر التقرير. وأوضح التقرير أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا والتوترات المحيطة بتايوان، زادت من احتمال وقوع الهجمات الإلكترونية بين الدول. وأشار التقرير إلى أنه بالنظر إلى ارتفاع تكاليف الصراع العسكري المباشر وصعوبة تحديد مرتكبي الهجمات الإلكترونية، فإن من المرجح أن يتخذ أي تصعيد عسكري في البداية، شكل الحرب الإلكترونية.

ووفقاً للتقرير، يمكن أن يحدث ذلك من خلال حدوث انهيار كامل للعلاقات الدبلوماسية بين بعض الدول، بشكل قد يؤدي إلى سلسلة متزايدة من الهجمات الإلكترونية المتبادلة التي تستهدف البرمجيات التي تتحكم في البنية التحتية لكل منها. ونوه التقرير إلى أن إغلاق الشبكة الوطنية للكهرباء على سبيل المثال نتيجة هجوم سيبراني، سيؤدي إلى تعطيل العمليات التجارية بشدة.

7- سيناريو فصل اقتصادات العالم حال تدهور العلاقات بين الصين والغرب

(سيناريو متوسط الاحتمال مع تأثيرات محتملة عالية/ Moderate probability; High impact)

شدد التقرير على أن احتمالية حدوث المزيد من التدهور في العلاقات بين الغرب والصين، وتسبُّبِ ذلك في فصل كامل للاقتصاد العالمي هي في درجة المتوسط، ولكن تأثيره سيكون كبيراً، وفق ما ذكر التقرير. وأكد أن الديمقراطيات الغربية، سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تشعر بالقلق بشأن دعم الصين لروسيا عقب تدخلها العسكري في أوكرانيا.

وبموازاة ذلك، تشعر الصين – بحسب التقرير –  بالقلق إزاء العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، والجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لإقناع الديمقراطيات الأخرى بالضغط على بكين باستخدام قيود على التجارة والتكنولوجيا والتمويل. وطبقاً للتقرير كذلك، اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً تصادمياً متزايداً تجاه انتهاكات الصين لحقوق الإنسان في إقليم شينجيانج المسلم، والمعاملة غير المتساوية لشركات الاتحاد الأوروبي والصين.

ورأى أنه يمكن للصين الشروع في مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي، وعلى الأرجح في تايوان، بشكل قد يؤدي إلى تفاقم التوترات، ودفع الغرب والاتحاد الأوروبي إلى فرض قيود تجارية واستثمارية شاملة على الصين. ونوه التقرير أنه من شأن هذا الأمر أن يجبر بعض الأسواق والشركات على الانحياز لأحد الأطراف. ورداً على ذلك، يمكن أن تمنع الصين – وفقاً للتقرير –  صادرات المواد الخام والسلع التي تعتبر حيوية للاقتصادات الغربية، مثل العناصر الأرضية النادرة (Les terres rares). وبالطبع سيكون لهذا الأمر آثار اقتصادية كارثية.

8-سيناريو مواصلة البنوك المركزية في العالم تسريع وتيرة رفع الفائدة

(سيناريو متوسط الاحتمال والتأثيرات/ Moderate probability; Moderate impact)

أوضح التقرير أن احتمالية حدوث ركود عالمي نتيجة التشديد النقدي القوي هي متوسطة، لافتاً إلى أن تأثير ذلك سيكون متوسطاً أيضاً. كما أوضح أن البنوك المركزية الرئيسة قد ترفع أسعار الفائدة سريعاً، في محاولة منها لترويض التضخم المتزايد في معظم دول العالم. وأشار إلى أنه من شأن هذه الإجراءات أن تؤدي إلى زيادة حادة في أسعار الفائدة طويلة الأجل؛ الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض. ونوّه إلى أن التصاعد المستمر للتضخم قد يدفع البنوك المركزية، إلى الحفاظ على سياسات صارمة من شأنها تقويض القوة الشرائية للأُسر، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والسلع.

ووفقاً للتقرير، فإنه في وسط عوامل أخرى مزعزعة للاستقرار، مثل الحرب في أوكرانيا، واضطرابات سلاسل التوريد، وسياسة صفر كوفيد الصينية، فإن مثل هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى ركود عالمي. وبحسب التقرير دائما، من الممكن أن يتعمق التباطؤ الاقتصادي في الدول المتقدمة، وهو ما سيؤدي إلى انهيار سوق الأصول انهياراً من شأنه أن يؤثر على النمو العالمي. وطبقاً للتقرير، فإنه في الأسواق الناشئة، قد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض حاد في قيمة العملة؛ وهو بدوره قد يزيد من مخاطر التخلف عن سداد الديون السيادية، كما حدث في سريلانكا في أفريل/2022.

9- سيناريو استمرار سياسة صفر كوفيد الصينية حتى منتصف 2023

(سيناريو ضعيف الاحتمال مع تأثيرات محتملة عالية/ Low probability; High impact)

نوه التقرير إلى أن احتمالية حدوث ركود حاد في الاقتصاد العالمي نتيجة سياسة صفر كوفيد الصينية هي ضعيفة، ولكن تأثيره سيكون كبيراً، وفق ما ذكر التقرير. وأكد أن الحكومة الصينية لا تزال تعتقد أن إجراءات احتواء فيروس كورونا هي ضرورية؛ لذلك من المتوقع استمرار سياسة صفر كوفيد الصينية حتى منتصف عام 2023. وشدد التقرير على أنه مع احتمال ظهور متغير آخر لفيروس كورونا هذا الشتاء، فإن إجراءات الإغلاق الصارمة في الصين تظل محتملة. ووفقاً للتقرير، يمكن أن يتسبب ذلك، إلى جانب الضعف المستمر في قطاع العقارات في الصين، ومشاكل قطاع الطاقة والجفاف الأخير، في انكماش الاقتصاد الصيني بشدة.

وبحسب التقرير، فإن واقع كهذا من شأنه أن يلقي بظلاله على النشاط الاقتصادي العالمي، ويؤدي إلى تدهور معنويات المستثمرين الضعيفة بالفعل، كما قد يُضعف أداء الأسواق المالية العالمية، ومن ثَمَّ يمكن للشركات الدولية تنويع عملياتها والاتجاه نحو مراكز التصنيع واللوجستيك غير الموجودة في الصين، والتي حرصت على التعايش مع الفيروس. وطبقاً للتقرير، فإنه ورغم ذلك سيكون هذا مكلفاً وسيحتاج إلى التأطير بعناية، كما يمكن للسلطات الصينية الرد على ذلك، من خلال عمليات التفتيش المعززة، أو الهجوم على سمعة تلك الشركات.

10- سيناريو تحول الحرب بين الجانبين الروسي والأوكراني لحرب عالمية

(سيناريو جد ضعيف الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية/ Very low probability; Very high impact)

يرى التقرير أنه على الرغم من أن احتمالية تحول الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى حرب عالمية هي ضئيلة جداً، إلا أنه يؤكد على أن احتمالية حدوثها ستُخلف تبعات اقتصادية كبيرة جداً على الاقتصاد العالمي. وأوضح أنه يمكن أن تصبح الحرب في أوكرانيا صراعاً عالمياً، وهو ما سيضع روسيا في حال حدوث ذلك في مواجهة أعضاء حلف الناتو. وأشار إلى أن الحرب تنطوي على مخاطر خاصة بالنسبة للدول الأعضاء في الحلف المتاخمة لأوكرانيا وروسيا، والتي يمكن أن تنجر إلى الصراع عن غير قصد. ولفت إلى أن روسيا جهزت قوات الردع النووي الخاصة بها، والتي يمكنها استهداف البنية التحتية الحيوية، مثل خطوط أنابيب الغاز أو كابلات الاتصالات تحت البحر. كما أكد التقرير أنه في حالة الرد من قبل دول الناتو، فإنه لا يمكن استبعاد خطر سوء التقدير. وشدد على أن الدول الأعضاء، المرتقبة والحالية في الحلف، مثل بولندا ورومانيا ودول البلطيق وفنلندا والسويد، تعتبر هي نقاط الانطلاق الأكثر ترجيحاً. كذلك تعد مولدوفا نقطة اشتعال أخرى محتملة، وفق ما ذكر التقرير. ولفت إلى أن تداعيات الصراع العالمي ستكون مدمرة في هذه الحالة، مضيفاً أن الاقتصاد العالمي سيسقط في ركود عميق، مع حدوث عواقب إنسانية وخيمة، ووفيات على نطاق واسع. ولفت في الأخير إلى أنه يمكن لمثل هذه المواجهة، أن تتخذ شكلاً نووياً، مع عواقب وخيمة على المدن الكبرى في روسيا والولايات المتحدة وأوروبا.


[1] https://www.economist.com/

[2]  التقرير متاح للتجميل في الرابط الآتي:.

https://pages.eiu.com/rs/753-RIQ-438/images/EIU_Risk%20outlook%202023.pdf?mkt_tok=NzUzLVJJUS00MzgAAAGIaBGT6A6PdNLpzNNWjMvV_E2SbrKXKOQAu_Xk2SsY6qQFOemwNxJJIPA0Okb4dArJxVE3W-_cPdczqzkT_lviA-L1_uDfD-sjfAdkyAoVW73XvA

[3]حنان نبيل، “السيناريوهات العشر: ما هي المخاطر المحتملة التي ستعيد تشكيل السياسة العالمية في 2023؟”، في:

[4]  تَمَّ إضافة التعريف بـ “الوحدة – EIU” صاحبة النشر، أيضا إضافة ترجمة المقدمة أو التمهيد الموجود في بداية التقرير، إلى جانب الخرائط والبيانات التي لم ترد في الملخص المترجم. فضلا عن بعض التعديلات الطفيفة الأخرى. أما النص (أي القراءة المترجمة) المنشور في موقع “أنتريجيونال”، فتُرك كما هو، ولم نُغيّر منه شيئا، اللهم إلا بعض الأخطاء المطبعية وهي قليلة، إلى جانب دمج فقرات السيناريو العاشر الأخير في فقرة واحدة كما هو في مصدره الأصلي، بينما قامت كاتبة الملخص المترجم بفصلهما إلى فقرتين، ووضع عنوان من عندها للفقرة الثانية لتخرج في شكل خاتمة.

[5]  وهي بالمناسبة تملك، إلى جانب مكتبها الرئيس بلندن،   فروعا لها في كل من، نيويورك، هونغ كونغ، دبي ولهاريانا بالهند.

[6]  حسب التقرير، تتفاوت هذه السيناريوهات بين: عالية الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية، وعالية الاحتمال والتأثيرات، وجد عالية الاحتمال مع تأثيرات متوسطة الاحتمال، ومتوسطة الاحتمال مع تأثيرات محتملة جد عالية، ومتوسطة الاحتمال مع تأثيرات عالية الاحتمال، ومتوسطة الاحتمال والتأثيرات، وضعيفة الاحتمال مع تأثيرات عالية، وجد ضعيفة الاحتمال مع تأثيرات جد عالية الاحتمال.

[7]  التقرير أشار إلى عامل الحرارة في السيناريو الثاني، لكن خصها فقط بالحديث حول تأثيرها على ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية.

[8]  انظر مثلا التحليل الذي نشره موقع (Prixdubaril.com) المتخصص يوم 2023.01.11 ، حول التقرير الذي أصدره “بنك باركلايس- Barclays” -أحد أكبر البنوك الخمس البريطانية- يوما قبل ذلك، بخصوص توقعاته حول احتمال تراجع أسعار برميل النفط بفعل تراجع الطلب العالمي الناتج عن استمرار العوامل المشار إليها في الأعلى، حتى بلغت درجة تشاؤمه إلى الحد الذي توقع فيه أن تكون صدمة الأزمة مشابهة لتلك التي حدثت عاميْ 2008-2009، في الوقت الذي أرسل فيه إشارات سلبية وغير مُطمئنة للغرب بخصوص احتمال عودة الأسعار نحو الارتفاع، نتيجة – حسبه هو- احتمال ارتفاع الطلب على النفط بفعل تخلي الصين عن سياسة الغلق بعد إلغاءها لسياسة “صفر كوفيد”، وفتح المجال للسفر الداخلي والخارجي، حيث قدر البنك مثلا نسبة الارتفاع المحتملة لوارداتها منه عام 2023 بحوالي 1.1 مليون برميل، فضلا عن إشارات باستمرار تباطؤ الإنتاج بالولايات المتحدة، وتوقعات بانخفاض منتوج روسيا من النفط بعد قرار الاتحاد الأوربي ومجموعة 7 (G7) اعتماد سياسة التسقيف، وغيرها من الاحتمالات والتطورات التي يعرفها سوق الطاقة عالميا. انظر الرابط الآتي:

https://prixdubaril.com/news-petrole/71490-selon-les-previsions-de-barclays-le-prix.html

وفي سياق التردد والشكوك حول توقعات وضع الأسواق العالمية والاقتصادات الدولية لعام 2023، يلاحظ الآتي:

  • تحذيرات أصدرتها بنوك كبرى عن احتمال حدوث ضائقة اقتصادية جراء احتمال توجه السوق الدولية نحو انكماش اقتصادي خلال عام 2023؛
  • بنك “ج.ب. مورغان/ J.P. Morgan” الذي يعد أكبر بنك بالولايات المتحدة، رفع درجة  توقعاته بشأن مخاطر حدوث “ركود معتدل” خلال عام 2023؛
  • تنقل جريدة “نيويورك تايمز” عن المدير التنفيذي لنفس البنك “جيمي ديمون/ Jamie Dimon” قوله: “لا نعرف المستقبل..هناك كل هذه الشكوك الجيوسياسية الحقيقية، ونحن نركز عليها”. الأمر الذي دفع بالبنك إلى تخصيص 01 مليار دولار لاحتواء مخاطر احتمال نشوء أزمة عدم قدرة زبائنه المقترضين سداد ديونهم اتجاه البنك عام 2023. وهو القرار نفسه اتخذه كل من بنك “سيتي غروب/ City Group”+ “والس فارغو/ Wells Fargo” للسبب نفسه، حيث خصص كل منهما مئات الملايين من الدولارات لنفس الغرض؛
  • وفي السياق، يقول المدير المالي لـ ” بنك أوف أمريكا/ Bank of America” “مايك سانتو ماسيمو/ Mike Santomassimo”: “نحن نستعد لركود سيصيب الاقتصاد الأمريكي ليصبح أسوأ مما كان عليه”.

نقلا عن موقع قناة العربية على منصة “لينكد إين”:  http://www.linkedin.com/feed/update/activity/702001180974292992

[9]  كما في الأردن أيضا.

kmch adm

تعليق